خالد النبوي.. «مهاجر» يوسف شاهين الذي خاض به مغامرة تجسيد النبي يوسف! .. تفاصيل مثيرة
“الشغل مع يوسف شاهين كان حلما، بدأ فيّ بعد ما شوفت فيلم (إسكندرية ليه؟) بـالمركز الثقافي الروسي، وكنت لسه طالب في أكاديمية الفنون، لما شوفت محمود المليجي نازل من على المركب وبيقول لابنه (هشاورلك بالمنديل جامد عشان تعرفني)، اللحظة دي أنا كنت قبلها حاجة وبعدها حاجة تانية كممثل، أتمنيت إني أكون واحد من ممثلي سينما يوسف شاهين، ومن وقتها مابقتش بعمل حاجة غير إني باشتغل على نفسي، قابلته قالي روح اتمرن وذاكر لمدة سنة وبعدين تعالى أشوف هديك دور ولا لأ”.. خالد النبوي يتحدث خلال ندوة له بدار الأوبرا المصرية، يوليو 2016، عن بدء شغفه بسينما “جو” وتحوله إلى أحد أبطال أعماله.
لم يتحول حلم خالد النبوي (المولود بالمنصورة في 12 سبتمبر 1966)، إلى حقيقة، إلا بعد رحلة عناء، حيث قدّم عدة أدوار في أفلام قصيرة، منها “العازف” لخالد العشري، وعدة أدوار كـ”كومبارس”، وشارك في عدد من المسرحيات مثل “البحر بيضحك ليه، الجنزير، لعب عيال”، حتى قدّمه المخرج محمد عبد العزيز لأول مرة في فيلمه “ليلة عسل” (1990) مع سهير البابلي وعزت العلايلي وسماح أنور، من تأليف منى الصاوي.
مرّ العام، وعاد النبوي لشاهين ليُشركه في أحد أعماله، فقدّمه في فيلمه القصير “القاهرة منورة بأهلها” (1991)، فبعدما تم تكليف “جو” من قِبل التليفزيون الفرنسي بتقديم فيلم عن القاهرة كما يراها من وجهة نظره، اجتمع مع عدد من تلامذته ومجموعة من السينمائيين، الذين يعملون معه دومًا للتفكير فيما سيكون عليه الفيلم، لتكون النتيجة النهائية فيلمًا يمزج بين الروائي والوثائقي، وبين الخاص والعام، ويُسجل من خلاله أول تعاون بينه وبين النبوي.
انطلق النبوي في مشواره، فاختاره المخرج صلاح أبو سيف في فيلمه “المواطن مصري” (1991) مع عمر الشريف وعزت العلايلي وصفية العمري، ومن تأليف يوسف القعيد، ثم اختاره إبراهيم الصحن لرائعته “بوابة الحلواني” من تأليف محفوظ عبد الرحمن، ثم شارك في مسلسلي المخرج وفيق وجدي “زمن الحلم الضائع” من تأليف محمد صفاء عامر، و”الوعد الحق” عن قصة الأديب طه حسين.
“عظمة يوسف شاهين تتحدث بها أفلامه، فهو أحد أعظم السينمائيين في العالم، وأهم ما يميزه أنه مخرج لديه موقف وعندما تشاهد أفلامه تجد كل حرف له معنى”.. خالد النبوي
المهاجر
في عام 1994، قرر شاهين أن يمنح دور العمر لخالد النبوي، الممثل المبتدئ آنذاك، في فيلمه “المهاجر” أحد أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما، من خلال شخصية “رام” الذي يقرر السفر ليتعلم فنون الزراعة حتى يستطيع إنقاذ قبيلته من الجوع والفقر، ويوافق الأب على سفره رغم تعلقه به، ورغم علمه أن إخوته يكرهونه لأنه أخ غير شقيق لهم، وينجح الابن في مشروعه ويستصلح قطعة أرض كبيرة تجمعه بأسرته وينتصر على إخوته.
وكان شاهين قد تقدّم بالفيلم للأزهر باسم “يوسف وإخوته” للموافقة عليه، إلا أن الأزهر رفض السيناريو انطلاقًا من رفضه تجسيد الأنبياء على الشاشة، فأجرى شاهين تعديلًا على السيناريو، حتى وافقت عليه الرقابة على المصنفات، وأعلن أن قصته مستوحاة من التراث الإنساني، وكتب بنفسه السيناريو والحوار مع السينارست رفيق الصبان، وتكلف إنتاج الفيلم 12 مليون جنيه، وهو رقم كبير آنذاك.
وفي 26 سبتمبر من نفس العام كان العرض الأول لـ”المهاجر”، واتهم يوسف شاهين بالإساءة إلى الأنبياء بتصوير قصة سيدنا يوسف عليه السلام بالفيلم، رغم أنه وضع على الفيلم عبارة “الفيلم لا يمت للواقع بصلة، لكنه من وحى الخيال والتراث”، ووصل الأمر إلى مقاضاة القائمين عليه، وحتى مقاضاة شيخ الأزهر ووزير الثقافة ومدير الرقابة للنظر في وقف عرض الفيلم، وتعرض الفيلم لانتقادات عنيفة، لكن استمر عرضه.
في المقابل، وضع النجاح الكبير لـ”المهاجر” بطله على طريق النجومية، فقد شارك الفيلم في مهرجان “كان” السينمائي، وحصل النبوي على جائزة أحسن ممثل من مهرجان “جوهانسبرج”، وذلك على الرغم من أنه عندما قرأ السيناريو ذهب لشاهين واعتذر له في البداية عن قيامه بالدور، إلا أن الأخير نهره، موضحًا أن المشهد الذي يقوم فيه بشرب الماء في الفيلم، كان السبب وراء اعتذاره عن الدور، إلا أن “جو” أقنعه بالعدول عن الاعتذار.
ولم تظهر أزمات الفيلم بعد عرضه فقط، ففي أثناء التصوير، كانت الفنانة يسرا حاملا بالشهر الثالث وقتها، وتعرضت لتسمم، فسافرت لباريس لإجراء عملية إجهاض، ثم استأنفت التصوير بعد شهرين، كما أن حنان ترك، كشفت في لقاء لها ببرنامج “واحد من الناس”، عام 2012، أنها رفضت تقبيل خالد النبوي في “المهاجر”، ما أغضب المخرج الراحل، وتسبب ذلك في عدم تعاونه معها عدة سنوات حتى عام 1999 في فيلم “الآخر”.
المصير
تحول النبوي على يد يوسف شاهين في تعاونهما الثالث إلى ولي عهد الأندلس الثائر على تخبط أبيه الخليفة المنصور (يُجسده محمود حميدة) في فيلم “المصير”، بعد أن تتلمذ على يد ابن رشد (يُجسده القدير الراحل نور الشريف)، والمرتبط بحب ابنته سلمى (تُجسدها روجينا)، ليحصل عن الفيلم على جائزة أفضل ممثل، ويُصبح من بعده أحد أبرز الوجوه التي خرجت من عباءة المخرج العالمي.
“يوسف شاهين صاحب فضل أني أكون موجود في بؤرة الضوء السينمائي المصري، وهو الملهم الأهم للنجوم وللجمهور، وسيرته فيها منافع للناس”.. خالد النبوي
ولم تقتصر نجاحات خالد التالية محليًا فقط، حيث أصبح منذ العام 2005 أحد سفراء مصر القليلين في السينما العالمية، حينما وقع الاختيار عليه للمشاركة في فيلم Kingdom of Heaven لريدلي سكوت، وجسد فيه دور أحد الرجال المقربين من القائد صلاح الدين الأيوبي، ثم عاود التجربة في فيلم Fair Game لدوج ليمان عام 2010، إلى أن حصل على أول بطولة لفيلم عالمي وهو The Citizen لسام كادي عام 2012، وجسد فيه دور عربي سافر إلى الولايات المتحدة قبل أحداث 11 سبتمبر الإرهابية بيوم، لتتوالى الأحداث في هذا الإطار، ويظل النبوي أحد أهم نجوم مصر حاليًا.