لا تنسى السينما وجوها أحبت الكاميرا ملامحها، حتى وإن لم يشارك أصحابها إلا في عدد قليل من الأفلام، إذ يلعب “القبول” دورا في احتفاظ المشاهد بملامح الممثل من الإطلالة الأولى على الشاشة، وهكذا كان الحال مع “دلوعة السينما أم غمازات”، الراحلة مديحة سالم، أو كما يلقبها البعض بأشهر مراهقة في السينما.
ولدت مديحة سالم في 2 أكتوبر 1944 بالقاهرة، وحصلت على شهادة الثانوية العامة من كلية البنات بالزمالك، لكنها انقطعت عن التعليم مع وفاة والدها، لتبدأ مسيرتها الفنية وهي في السابعة عشرة من عمرها، دون دراسة للتمثيل، وإنما فقط معتمدة على خبرتها التي اكتسبتها بالمسرح المدرسي، وهو الأمر الذي جعل فوزها بأحد الأدوار شيئا صعبا.
المخرج محمود ذو الفقار اكتشفها وفتح لها أبواب الشهرة، بترشيحها لدور في فيلم “المراهق الكبير”، عام 1961، مع هند رستم وعماد حمدي، ليكون ذلك أولى خطواتها في عالم التمثيل، لكن لم تكن الموهبة وحدها هي سر ترشيح “سالم” لأفلام أخرى، وإنما لعبت ملامحها البريئة، وطابعها الرومانسي الحالم، دورا في استمرارها بالمشاركة في الأعمال السينمائية، رغم صغر سنها.
ولعل اقترانها أثناء فترة دراستها بزميلاتها وأحلامهن الرومانسية وعلاقاتهن العاطفية هو ما جعلها تقترب من تلك الأدوار التي جسدت فيها شقيقة البطلة أو صديقتها التي تشجعها على الحب بل وتحاول مساعدتها على الارتباط ببطل العمل، ومن أشهر تلك الأفلام التي شاركت فيها الراحلة كان “أم العروسة”، عام 1963، بطولة عماد حمدي، وتحية كاريوكا، حيث جسدت شخصية “نبيلة”، شقيقة البطلة التي لعبت دورها الفنانة سميرة أحمد.
رغم ملامحها الرومانسية، فإنها انحصرت في الأدوار الثانوية، ولم تحصل على دور البطولة في عمل سينمائي مثل بنات جيلها، فشاركت على سبيل المثال في فيلم “آه من حواء”، عام 1962، بدور “نادية”، وفيلم “لصوص لكن ظرفاء”، بتقديم شخصية الزوجة “عزيزة” التى تعانى من مشكلات مع زوجها “عصام” والذى جسد دوره يوسف فخر الدين، إلى جانب دور “هدى” الطالبة الجامعية التى تحذر والدها الأستاذ بكلية الآداب من الزواج من غانية مشهورة تدير أحد الكباريهات، في فيلم “ملكة الليل” مع المخرج حسن رمزى والفنان يحيى شاهين وهند رستم وحسين فهمى، وأفلام أخرى لم يتخط عددها الخمسين فيلما.
ولكن فجأة اختارت أن تكمل مشوارها كزوجة مع رفيق حياتها، حيث اعتزلت الفن في عام 1982 وهي في قمة تألقها ونضجها الفني بعد مسلسلها “الرجل والحصان”، بطولة محمود مرسي وهدى سلطان، لتعود بعد سنوات طويلة وهي مرتدية للحجاب، وتقدم عددا محدودا من الأدوار الدينية، آخرها “القضاء في الإسلام”، عام 2001، مع زهرة العلا وعبد الغفار عودة وسميرة عبد العزيز.
وفي الشهور الأخيرة من حياتها اشتدت عليها أمراض الجهاز التنفسي والرئة، ورغم حالتها الحرجة فإنها رفضت دخول المستشفى، وقالت: “عايزة أموت في بيتي”، لكن مع تدهور حالتها الصحية اضطر أبناؤها إلى نقلها لأحد المستشفيات الخاصة، وما هي إلا أيام حتى لفظت مديحة سالم آخر أنفاسها، عن عمر 71 عاما.