
شادية .. أحبها «الشناوي» وتزوج شقيقتها واعتزلت بسبب الشعراوي
شادية.. دلوعة الشاشة التي جمعت بين الحُسنيين، ففرضت نفسها بقوة وسط عمالقة الغناء والتمثيل، واستحقت خلال مسيرتها الفنية عددا من الألقاب من بينها معبودة الجماهير، قيثارة مصر، عروس السينما، ربيع الغناء والفن العربي، شادية الوادي، فكانت نجمة استثنائية وحالة فنية غير مسبوقة، حتى كتبت تاريخًا لنفسها قبل أن تعتزل الأضواء وتبحث عن سعادتها في جانب آخر بعيدًا عما اعتادت على فعله، وقررت ارتداء الحجاب والاعتزال والتفرغ للعبادة وتربية أولاد أشقائها بعد أن حُرمت من نعمة الإنجاب.
النشأة.. والانطلاقة
الاسم الحقيقي لشادية هو فاطمة أحمد كمال شاكر، وهي من مواليد 8 فبراير 1931، في منطقة الحلمية الجديدة بالقاهرة، لكن أصولها تعود إلى محافظة الشرقية، والدها كان يعمل مهندسا زراعيا، بينما كانت والدتها من أصول تركية، والتي بدأت حياتها الفنية صدفة عندما وقع تحت يد والدها الذي كان يهوى العزف على العود ويحب الغناء، إعلان عن مسابقة تنظمها شركة اتحاد الفنانين التي كونها حلمي رفلة والمصور عبد الحليم نصر في عام 1947، وذلك لاختيار عدد من الوجوه الجديدة للقيام ببطولة الأفلام السينمائية التي ستقوم بإنتاجها الشركة، فاصطحبها والدها لتقديمها إلى لجنة المسابقة، وتحمس لها المخرج أحمد بدرخان، كما قام «حلمي» بتبنيها فنيًا وأطلق عليها اسم «شادية»، وكان ذلك وهي في عمر 16 عامًَا، وبدأت مسيرتها الفنية بدور ثانوي بفيلم «أزهار وأشواك»، ثم في العام نفسه شاركت في فيلم «العقل في إجازة» مع محمد فوزي.
المشوار الفني
سلكت في بداية مشوارها خطًا واضحًا من خلال تأدية أدوار البنت الدلوعة خفيفة الظل، ثم قامت بالتدريج في التغلب على نوعية الأدوار التي تقدمها من خلال عدة أفلام مثل «بائعة الخبز، ليلة من عمري، دليلة، المرأة المجهولة»، وقدمت أربع أفلام مقتبسة عن أربع روايات للروائي الكبير نجيب محفوظ، وهي «اللص والكلاب، ميرامار، الطريق، زقاق المدق»، وخلال مسيرتها الفنية شاركت في أكثر من 110 فيلمًا، ومن أبرزهم «معبودة الجماهير» مع الفنان عبد الحليم حافظ، وقدّمت بصوتها عشرات الأغنيات، ومن بينها أغنيات وطنية هامة، فبعد الهزيمة في حرب عام 1967، غنت «الدرس انتهى»، وغنّت «عبرنا الهزيمة» بعد حرب 1973، فضلًا عن الأغنية الوطنية الأهم لها والتي تُعبر عن روح مصر «يا حبيبتي يا مصر»، ولم يغب الحس الفكاهي المرح من بعض أغنيات أفلامها، ومنها «وحياة عينيك» مع رشدي أباظة و«يا سلام على حبي وحبك» مع فريد الأطرش، كما شاركت في العديد من حفلات ليالي القاهرة الفنية خلال فترة الستينات والسبعينات، وكانن أغنيتها الأخيرة دينية وهي «خد بإيدي».
الصدمة الأولى.. والحب.. والقُبلة الأولى.. والزواج
غرقت شادية في مرحلة شبابها ومراهقتها في الحب مع ابن الجيران، ضابط بالجيش يُدعى أحمد، حتى فوجئت بخبر استشهاده بحرب فلسطين 1948، وبعدها انخرطت في التمثیل، وشكّلت مع كمال الشناوي ثنائيًا ناجحًا، حتى قدمت بصحبته 12 فیلمًا خلال 5 سنوات فقط، وانتقل حب السينما إلى الواقع، إلى أن جاءت القُبلة الأولى بینھما أثناء تصویر فیلم «لیلة الحنة» عام 1951، وكانت أول قُبلة بالنسبة لها في التمثيل، فجعلت العلاقة تتوطد بینھما، وكان يؤمن الشناوي أن الحب الكبیر یضیع بالزواج، فتھرب منها في اللحظة الأخیرة قبل الزواج، وتزوج من شقیقتھا «عفاف» حتى یظل بجوارھا، لكن الزواج لم یستمر سوى شھر.
وعلى الرغم من أن الفنان عماد حمدي يكبر «شادية» بـ20 عاما إلا أنها أصرت على إتمام الزواج منه رغم نصيحة المقربون لها، وبالفعل بمجرد أن تزوجا بدأت المشاكل تقتحم حياتهما بسبب الضائقة المادية التي مر بها «حمدي» بسبب حقوق طليقته في نفقة تصل إلى 100 جنيه، ومع ذلك وقفت «شادية» بجانبه حتى مرت الأزمة، لكنه كان يغير غيرة مرضية انتهت حياتهما بصفعة وجهها لها أثناء إحدى الحفلات، وفي عام 1958 كانت تجربتها الثانية مع الزواج، حيث تعرفت على شاب يُدعى عزيز فتحي، كان يعمل مهندسًا بالإذاعة وكان ينتمي لعائلة عريقة وخالتاه كانتا «زوزو وميمي شكيب» وعلى الرغم من أنه يصغرها، إلا أنه أصر على الزواج منها، ولم يستمر الزواج كثيرًا، بعد رفعها عليه دعوى قضائية.
ثنائي الزوج والنجم
تحول ثنائي رائعة «مراتي مدير عام»، 1966، الأقوى فنيًا على مدار تاريخ السينما المصرية، إلى زواج، وكان لقاء «شادية » الأول بـ«صلاح» في «عيون سهرانة»، عام 1965، وكانت وقتها متزوجة من عماد حمدي، وهو نفس العام الذي شهد انفصالها منه، وظلّت قصة حب «ذو الفقار وشادية» غير معلنة للناس، ثم يلتقي الثنائي مُجددًا في فيلم «أغلى من حياتي» عام 1965، وبعدها تحولت مشاهد الغرام الملتهبة بين بطلي الفيلم إلى حقيقة وتزوجا، وكانت «شادية» الزوجة الثالثة في حياة صلاح، لكنها شعرت بالحنين للإنجاب، وحملت وكان هذا الحمل هو الثالث لها، ومكثت في البيت قرابة الخمسة أشهر لا تتحرك حتى يثبت حملها، لكن القدر كان قال كلمته، وفقدت الجنين، وأثر هذا بشكل سيء على نفسيتها، وبالتالي على حياتها الزوجية فوقع الطلاق بينهما بعد أقل من عام في أغسطس 1969، ونجحت محاولات الوساطة في إعادة الزوجين مرة أخرى بالشهر التالي، ولكن بعدها تم الطلاق النهائي عام 1973، واعتبرت أنه أفضل أزواجها، وقالت إنها طلبت الطلاق منه حتى يعود لزوجته أم أولاده، حيث أن أطفاله في حاجة إليه أكثر منها، وأثمر زواج الثنائي عددًا من الأفلام مثل «كرامة زوجتي، عفريت مراتي»، و«شيء من الخوف»، أحد روائع السينما المصرية على مدى تاريخها.
الحج.. والحجاب.. والشعراوي.. والاعتزال
قبل تقديم شادية لمسرحية «ريا وسكينة»، كانت تشعر بأنها أدت مهمتها على أكمل وجه، لذلك كانت ترغب في الاعتزال، إلا أنها قدمتها بعد إصرار المخرج حسين كمال، وكانت في وقتها تعود من المسرح في الثالثة والنصف صباحا، وهو ما كان جعلها تصلي الفجر الذي لم تكن تصليه، وبعدها تقرأ القرآن وتبكي، وشعرت برغبة في أداء فريضة الحج، وتلّقت حينها اتصالًا من أجل تقديم أغنية عن المولد النبوي، فوافقت وشعرت أن الله يرسل إليها ما يشجعها على الاعتزال، وتبلورت داخلها فكرة الحجاب، وهو ما جعلها تذهب للشيخ متولي الشعراوي، وهو من شجعها على الاعتزال الذي تم عام 1984، وكان أخر أفلامها هو «لا تسألني من أنا».
الاختفاء.. والمرض.. والرحيل
عقب الاعتزال توارت «شادية» عن الأنظار والكاميرات، منصرفة لحياتها الخاصة حتى وافتها المنية في 28 نوفمبر 2017 بعد دخولها في غيبوبة تامة بعد إصابتها بجلطة دماغية، نقلت على إثرها إلى أحد المستشفيات في القاهرة.